بس ثبت الطلب وراح يوصلك الباب البيت
عرض 361 الى 384 من 1416 منتج
مدّاح الكائنات العنوان الذي اختاره عاشور الطويبي ليقدم من خلاله للقارىء العربي مجموعة قصائد مترجمة للشاعر الهندي كبير أو كبير داس ، وهي مأخوذة من ترجمة للشاعر الهندي الكبير رابندراتات طاغور الذي ترجم له مائة أغنية في العشق ونشرها في كتاب عام 1915، وكذلك من ترجمة للشاعر الأمريكي ... روبرت بلاي الذي ترجم للشاعر كبير قصائد في كتاب أسماه قصائد النشوة، ومن هاتين الترجمتين قام الأستاذ عاشور الطويبي باختيار وترجمة قصائد هذا الكتاب. يبدأ الكتاب بمقدمة عن حياة ومذهب الشاعر كبير داس (ولد سنة 1440 - توفي سنة 1518) في مدينة فارناسي من إقليم جنبور بالهند. وعندما كبر كان ينادي بالدين الحر الخالي من الحواجز الطبقية، العرقية، الناجي من سيطرة الفقهاء ورجال الدين . يمتاز شعره بـ فكرة الحلول والإتحاد أو ما يسميه أتباع كبير بدرب المحبة وهو درب يمشي فيه الفرد وحيداً فهو لا يحتمل الكثرة وسجت الكثير من الحكايات عنه، وبقيت أشعاره وأغانيه خالدة، اعتبره الباحث جون ستراتون هاولي من ضمن الثلاثة أصوات العظيمة: كبير، ميراباي وسرداس، في القرنيني الخامس عشر والسادس عشر التي أحيت المذهب الباكتائي في الهند وفي العالم بعد ذلك بقرون. ومن قصائد كبير نقرأ قصيدة بعنوان يا قلبي : يا قلبي! الروح العلية، المولى العظيم، قريب منك إستيقظ، آه إستيقظ! أركض إلى قدمي حبيبك: فالمولى يقف قريباً من رأسك لقد نمت لقرون لا تُحصى: ألن تستيقظ هذا الصباح؟ إن دعوة الشاعر التطهيرية هذه من أجل القرب من الله تجسد معاني القداسة في الزمكان، وبهذا يكتسب النص شعريته وحرارته في توقد معانيه وحضور ذات الشاعر، والتحامها بالذات العلوية، وهذا ما يؤكد موقفه الإيجابي من فكرة الحلول والإتحاد التي اتصفت بها معظم أشعاره.
في مرّاتٍ أخرى كانت تعود صورٌ طفولتي ومراهقتي فأرى ظلٌ والدي يجري في ممرّات البيتِ كما لو أنّه ابن عرسٍ، أو نمسٌ أو بالأحرى حنكليس محبوس في وعاءٍ غير مناسبٍ كثيراً. كلُّ حديث، كلُّ حوارٍ، يقولُ صوتٌ، ممنوع، كنتُ أحياناً أسأل نفسي عن طبيعة هذا الصوت، تراه كان صوتَ ملاك؟ تراه ... كان صوتَ ملاكٍ حارسٍ؟... تراه كان صوت شيطانٍ... لم أتأخر كثيراً في إكتشاف أنه كان صوتي، صوتَ أنايَ الأعلى، الذي كان يقود حلمي مثل طيّارٍ أعصابُهُ من فولاذ، كان الأنا الأعلى الذي يقود سيارة برّادٍ وسطَ طريق مشتعل، بينما الــ هُو يئنّ ويتكلّم بلغة يبدو فيها ميسيني، أناي، طبعاً، كان ينام... ينام ويعمل...
كان مختار يعيش غير بعيد عن دكانه، في غرفة تطلّ على البحر، وكانت هناك نافذة صغيرة في الجدار تعلو فراشه، يمكنه إذا ما وقف على أطراف قدميه، أن يرى من خلالها الأمواج بعيداً في الأسفل، تدّ سدّة من الصخور. كان الصوت يصخب، أيضاً، بشكل خاصّ في الليالي عندما تكون القصبة ملفوفة ... بالمطر، ولا تصلح طرقاتها الصغيرة إلا لعبور الريح على شكل زخّات مفاجئة.
بعدما هدَّني التّعب وأثقل كاهلي، أتهالك على البلاط الرّطب لزنزانتي وفكري لا يباح أولئك الذين كانوا يزحفون على البحار مثل قناديل بحر منبوذة ويرتمون على الشطآن الأجنبية. كان يتم إستقبالهم في مكاتب شبة معتمة، شبه شفافة، في ضواحي المدينة، كنتُ مكلَّفة مثل غيري وهُم كُثْر بترجمة حكاياتهم من لغة إلى اخرى، ... من لغة صاحب الطَّلب إلى لغة البلد المُضيف. حكاياتٌ بطعم الدموع، مُرَّة وقاسية، حكايات الشتاء، والمطر القذر والأزقَّة الموحِلة، ورياح الموسم التي لا تنقطع وكأن السماء توشك أن تنشقّ.
حلُمٌ طاردني وانفتحتْ فَوقي مثلَ جناحٍ شفتاهُ. ركعتْ فوقَ الماءِ الغاباتُ وارتجفتْ أيّامي وسجدْتُ طويلاً تحتَ فضاءِ غنائي الصامتِ، وانحدرتْ نحوي الأصواتُ تائهةً، من كلِّ فمٍ كانَ يناديني ويُتابعُ بين الأنهارِ رحيلي مختبئاً في جُحرٍ أو في جسدِ امرأةٍ تخرجُ من بيتٍ في أقصى الأرضِ، وتسعى للقائي.
صنعة الشعر هو مدخل إلى الأدب، إلى التذوّق، إلى بورخيس نفسه. وخلافاً للنبرة الساخرة المطبوعة التي تميز معظم مقابلاته ومحاضراته بالإسبانية، أسلوب بورخيس في صنعة الشعر هو أسلوب ضيف شرف، متقلب، ولطيف. لكن هذا الكتاب، بالرغم من أنه سهل المنال بصورة مذهلة، إلا أنه ليس من النوع التعليمي سهل الهضم، إنه يزخر ... بتأملات شخصية عميقة، ولا يقع في السذاجة ولا في الكلبية، يحافظ على مباشرة التعبير الشفوي: طلاقته، سخريته، وتردده الطارئ.
ما التعليم فعلاً ؟ نعلم أنه على الدوام ، سؤال مركزي من أسئلة الفلسفة . ونعلم أيضاً أنه يتعلق بربط الإجابة بسؤال آخر : ماذا عن الكينونة ؟ ونعلم في المقام الثالث ، منذ برمنيدس ، أنه أيّا كانت المعالجة المفهومية لذلك الربط ، أو الإجابة المقدمة على سؤال ... الكينونة ، لا بد من الإنتهاء إلى الصيغ الممكنة لقضية واحدة : الهو هو هو في الآن نفسه ، تفكير وكينونة ، يكمن السهم العظيم لهيدغر ، في أنه أعاد بتكثيف شديد ، صَوْغ تلك الأوامر بما هي التي تحدّد مزاولة الفلسفة . وكل عمل فلسفي خلاّق اليوم ، من مثل العمل لجيل دولور ، إنما يتمسك في سياق أحوال العصر ، بالأسئلة الثلاثة : ماذا عن الكينونة ؟ ماذا عن التفكير ؟ كيف يتحقق عند دولوز ، وبصفتها واحداً ، حياة لاعضوية ، محائية ، وهماً لا معنى له للمعنى ، إفتراضياً ، ديمومةً محضاً ، إضافة ، إثباتاً للإتفاق ، وعوْداً أبدياً . وأن التفكير هو شميلة فاصلة وحدسً ، ورمية نرد ، وقهر تزهوي كالحة بعينها ، وقوة الذاكرة . بقي أن تمعن أكثر في نظرية الربط على أي معنى يتطابق التفكير والكينونة ، وطبقاً لأي استعمال للتطابق ؟ لأن التطابق المنطقي ، ال أ أ ، مرفوض عند دولوز ، بما أنه مقولة من مقولات الأفلاطونية . ثمة تقليد تليد تطابق التفكير والكينونة باعتباره مبدأ . في مقالة الجيم من ما بعد الطبيعة ، يعالج أرسطوطاليس إمكانية تفكير في الكينونة بما هي كينونة طبقاً لثلاثية مبدأ التطابق ومبدأ عدم التناقض ، ومبدأ الثالث المرفوع ، أما قناعة دولوز فهو أننا لم نعد قادرين على سلوك هذي السبيل . وليس هذا مسألة إرادة حسنة : لم نعد قادرين على ذلك . إذ أن الفكر الذي يقرن ضمن مبادىء ، كينونة الكينونة وكينونة التفكير ، هو ممتع علينا بالفعل من حيث وضع العالم ( أي من حيث الكينونة نفسها ، في الهيئة المعاصرة لأحوالها ، أو لسيمو لاكراتها ) : لقد قدم لنا نيتشه وملاّرميه من جديد كشفاً لفكرة - عالم تصدر عنه رميةُ نرد . لكن ، يتعلق الأمر عندهما ، بعالم من دون مبدأ ، عالماً فقد المبادىء كلها ( الطيّة 90 ) . هل يجب أن نستنتج من ذلك انفصالاً لا فكاك منه بين الكينونة والتفكير ؟ كلا ، ولا ريب . كيف سيضطلع بذلك الإنفصال مفكّر الواحد الأكثر راديكالية منذ برغسون ؟ يقول لنا دولوز إنه لا بد من تقريظ فوكو من حيث اضطلع في أقاصي دقائق تحليلاته ، بأن المعرفة كينونة ( فوكو ، 119 ) . وبالتالي ، المشكل هو مشكل تطابق غير مبدئي ، بين التفكير والكينونة . يمكن أن نستندها هنا إلى تقليد كبير يجد جذوره في ديكارت ، ويعتم سؤال الكينونة - التفكير ضمن إشكالية تتعلق بالذات . لا يقتضي هذا التقليد على الأقل في الظاهر ، الرجوع إلى تعالى المبادىء ، إذ أن الربط يتحقق فيه باقتراض ذاتٍ ، حاملٍ للفكر ، وبمساءلة هذه الذات من حيث كينونتها . فيُتعرّف إلى كينونة التفكير بصفتها كينونة الذات ، ويتحول سؤال تطابق الكينونة والتفكير إلى سؤال عن منزلة الكينونة - الذات من الكينونة . أوج تحقق هذا التوجه هو بلا شك ، هيغل حين يضع برنامجاً للفلسفة برمتها ، أن تتفكر المطلق لا بصفته جوهراً وحسب ، بل كذلك وفي الوقت نفسه ، وصفته ذاتاً . لا يستطيع دولوز أن يسلك هذي السبيل أيضاً ، على الأقل بكيفية مباشرة . ولمعارضة دولوز الجوهرية هذه لكل ما يتقدم باعتباره فلسفة في الذات ، عللٌ كثيرة متقاطعة ... لم يكن ثمة غير قضية أنطولوجية : الكينونة متواطئة . لم يكن ثمة غير أنطولوجيا واحدة هي أنطولوجيا دونس سكوت ( Dun Scot ) التي تمنح الكينونة صوتاً واحداً . نقول دونس سكوت لأنه عرف كيف يحمل الكائن المتواطىء إلى ذروة اللطافة ، مع احتمال أن يدلك على ذلك تجريداً . لكن من برمنيدس إلى هيدغر نفس الصوت هو الذي يعود في ترديد يشكّل لوحده كامل انبساط المتواطىء ، صوت واحد يؤلف صخب الكينونة ... يمكن القول إن عصر دولوز قد كان في الفلسفة ، موسوماً وموقعاً بعودة سؤال الكينونة . ولذلك كان يهيمن عليه هيدغر ، إذ أنه قام بالتشخيص ، وبعد قرن من النقد ثم الفاصل الفنومينولوجي ، خاض بصريح العبارة في ما كان قد أعاد تنظيم التفكير حول تَسْآله الأصلي : ماذا عن كينونة الكائنات ؟ في نهاية المطاف كان القرن أنطولوجياً وهذا التعيين المصيري هو أكثر جوهرية من المتقلب اللغوي الذي يُحمل عليه . بهذا المعنى ، دولوز أمين القرن على الإطلاق ، إذ لن يكون من الممكن ربط تفكيره بالمتقلب اللغوي الذي يبان اختزالاته النحوية أو المنطقية ، ولا بالتيار الفنومينولوجي الذي ينقده بشدة الإختزال الذي يقوم به من حيث يرد التمنيات الحيّة إلى مجرد أشكال ترابط قصديّ للوعي . إن السؤال الذي يطرحه دولوز هو الكينونة ، وتمثل هذه المقالات التي اشتمل عليها هذا الكتاب محاولات للإجابة عن هذا السؤال ، إذ أن الأمر يتعلق بكتاباتها كلها ، وتحت قهر ما لا يعدّ ولا يحصى من الحالات التي تحدث إتفاقاً ، بالتفكير في التفكير ( في فعل التفكير في حركته) على أساس فهم أنطولوجيّ للكينونة بصفتها واحداً . ولن يشدّد المرء أبداً بالقدر الكافي على أن التأويل النقدي أو الفينومينولوجي لأعماله ما ينفك يطمس ويحجب أن دولوز يطابق بإطلاق بين الفلسفة والأنطولوجيا . لا ريب أنّ الأمر لا يتعلّق لا بمطابقة ولا حتّى بتقاطع، إذ انّه يتعلّق بتقابلٍ صِداميّ، ولكن يمكن حملُه مفهوميّاً، على قناعة مشترَكة بالنظر إلى ما يمكن إشتراطه اليوم على الفلسفة، وبالنظر إلى المشكل المركزيّ الذي يتعيّن عليها أن تعالجه: أعني مشكلَ فكرٍ محايث للمتكثّر. يجري الحكُم بأنّ دلوز من حيث يلتمس الإطّلاع على كلّ مكوّنات عصره وينظُم تفكيرَه على منوال الْتقاط سطح الأحداث العاكس ويخضع كتابتَه الساحرة لمقتضيات الولوج في مناطق المعنى المتباينة، هو في تصادٍ مع الفضيلة التي كان يحملها على لايبنيتسْ في العصر الكلاسيكيِّ، مخترعُ الباروك المعاصر حيث تجد ما به تنعكس وتنبسطُ رغبتُنا في المتكثّر والتهجين وتكاينِ الأكوان من دون قاعدة مشتركة، وإجمالاً، نزوعُنا إلى ديمقراطيّة كونيّة، دلوز الذي يتفكّر جَذِلاً الْتباسَ العالَم.
هذا كتاب من تراثنا الكلامي بطابعه الفلسفي، مفيد في موضوعه، من حيث النظر في عقائد التوحيد، من وجهة نظر الحنفية الماتريدية، ثري بمادته، محكم ببناءه، واضح بأسلوبه.يحتاج اليه المبتدئ، إذ يقدم أليه ما يريد بأيسر منهج ممكن، و يرغب به المتضلع، لما احتوى فيه من إثارة كبرى قضايا الكلام، في إطارها الجدلي مع ما يلزم من التعمق و التدقيق.
أنا أيضاً أغني أمريكا. أنا الأخ الداكن. يرسلونني لآكل في المطبخ حين تأتي الرفقة، لكنني أضحك، وآكل جيداً، وأصير قوياً.
هناك على الغصن اليابس العالي يجثم محدودباً غراب أسود يرتب ويعيد ترتيب ريشه في المطر. لا أتوقع معجزة أو حادثة تشعل المشهد في عيني، ولا أطلب في الطقس الطائش أكثر من هذا المشهد، لكن أدع الأوراق المنقطة تسقط كما هي بغير دهشة أو حفاوة.
تدور أحداث الرواية في فضاءات مختلفة تتراوح بين أنغولاوالبرتغال، وتستمد مادتها السردية من مرجعيات ذاتية ، لهاعلاقة بشخصية الكاتب وأحواله الخاصة، وأخرى تاريخيةتتعلق بالظروف التي كانت تمر بها الأمة البرتغالية وما يدورفي فلك إمبراطوريتها المتهالكة من مستعمرات تناضل منأجل استقلالها الوشيك أواسط سبعينيات القرن الماضي.إنها رواية استثنائية وقوية تستدعي قارئاً نشيطاً، فقالاًوفاعلاً، وتستوجب أيضاً قارئاً متيقظاً رغم ترنح الساردوهذيانه المستمر تحت تأثير الخمرة. إنها رواية ترج القارئرجاً وتستفزه حتى يتمكن من مسايرة أسلوب بطيء يتسمبالا ستطرادات الكثيرة والإيحاءات إل تم، مما يقلل منالحدث ويعطي مساحة أن الصور الذهنيةوالسندات التناصية التي تخدم الفكرة وتعمق المعنى .
يضع كثيرون تشارلز بوكوفسكي ضمن جيل البيت أو في دائرته. لكن هذا التصنيف يغفل كونه لم يكن في واقع الأمر جزءاً من هذه الحركة ولا قريبأً من روادها (كرواك، بوروز، غينسبرغ، فرلينغتي، كروسو... الخ)، لا جغرافياً (فهو كان مقيماً طوال حياته في لوس أنجليس، في حين استقرت الحركة غالباً ... في نيويورك) ولا من حيث المعرفة الإنسانية أو الصداقة الأدبية أو التواطؤ الفكري والسياسي المباشر. غير أن التصنيف له ما يبرره أيضاً، خصوصاً اليوم، بعد رحيل بوكوفسكي ومعظم رواد الجيل الأول من البيت ، أي النظر بشيء من المسافة إلى هذه التجربة الأدبية التي انطلقت منذ الخمسينات من القرن العشرين، وازدهرت في الستينات منه، ولا تزال مستمرة حتى أيامنا هذه. فوضع بوكوفسكي ضمن تيار البيت ينبع اليوم من اعتبار مختلف عن اعتبارات المرحلة التي ظهر فيها التيار، وظهر فيها أدب بوكوفسكي نفسه، وهو اعتبار يقيمه القراء غالباً أكثر مما يحدده النقاد أو الدارسون. فقد كان بوكوفسكي يشترك وشعراء وكتاب البيت بخواص عدة تقيم نوعاً من النسب غير المباشر بينه وبينهم. فهو مثلهم انطلق من خارج المؤسسة الأدبية والسياسية والاجتماعية الرسمية في أمريكا، فاعتبر من كتاب الهامش أو الأندرغراوند وهو مثلهم أحدث انقلاباً على صعيد مفهوم الكتابة سواء في صلتها بالسائد والمكرس أو في مقاربتها للحياة والواقع، أو في معاييرها الكتابية والإبداعية واللغوية. وإذا كانت المسافة الزمنية ضرورية لإقامة مثل هذا النسب فلأن بوكوفسكي في هذا الإطار تحديداً كان مهملاً في زمنه. بمعنى أنه لم يكن ينظر إليه كواحد من نجوم الهامش أو دعاته إذا جاز القول، ومعظمهم من البيت الذين أقاموا في مراحل مختلفة وبطرق عدة صلة قوية بالجيل الاحتجاجي الشاب الذي كانت تغلي به أمريكا وأوروبا والعالم في الستينات من القرن الماضي. ففي الوقت الذي انطلقت فيه شهرة كل أفراد البيت ولا سيما بوروز وكرواك وغينسبرغ وكورسو، من خلال أعمال اعتبرت علامات ومنعطفات تاريخية، كان بوكوفسكي يقع على هامشهم، أي على هامش الهامش. وقد احتاج إلى زمن أطول بكثير منهم ليصبح معروفاً، أو بالأحرى ليتعرف بأدبه على الرغم من مساهمته الكثيفة كما ونوعاً في صوغ الحساسية الأدبية الأمريكية الجديدة، حتى ذهب بعضهم إلى اعتباره أعظم شعراء أمريكا (جان بول سارتر). هناك اعتبار آخر مهم يفصل بوكوفسيكي عن جيل البيت . فعلى الرغم من أنه كرس مثلهم الكتابة اليومية، وأدخل العنصر الاحتجاجي وحياة المهملين والبائسين والمهمشين في صلب الكتابة، فإنه لم يسع إلى صوغ بيان أدبي سياسي سواء مباشراً أن مضمراً في النص أو الرواية أو القصيدة. كما أنه لم يشارك في الحياة السياسية المباشرة (محاضرات في الجامعات أو تجمعات أوتظاهرات)، ولم ينتم أيضاً إلى التيار الروحي الذي انتسب إليه معظم كتاب البيت ، أي البوذية كمخرج روحي من قلق العصر وتخبطاته. بقي بوكوفسكي فرداً يغرد خارج سرب التيارات والمدارس والحركات (وإن صفنه بعضهم ضمن ما يعرف بمرحلة الشعر الاعترافي التي ازدهرت كذلك في الستينات من القرن العشرين، كما يصنف ككثيرين من أبناء جيله ضمن شعراء ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي تسمية عامة مثلما هو واضح). وبقيت سيرته الذاتية، التي تعتبر في الواقع سيراً عدة، ولا سيما ذكرياته، تشكل جزءاً كبيراً من أدبه، ذلك الأدب الخاص بامتياز. سجل بوكوفسكي وعلى امتداد نحو سبعين كتاباً بين مجموعات شعرية وروايات ومسرحيات، سيرته الموزعة بين الماضي والحاضر الذي احتلت النساء والكحول والشخصيات الهامشية النافرة جزءاً أساسياً منه. وإذا كان الواقع شديد الحضور في بنائه الأدبي فدائماً من زاوية التورط الشخصي، والنظرة الفاحصة إلى هذا الواقع الذي لم تعد تفاصيله مجرد ذريعة أو استعارة لتعبير سياسي مضمر، بل أصبحت واقعاً بديلاً قائماً في ذاته. أفقت على الجفاف وكانت السراخس ميتة، والنباتات اصفرت أوراقها كالذرة في القدور، ولم أجد امرأتي بل حفنة زجاجات فارغة حاصرتني، كجثث مدماة، بلا جدواها، ومع ذلك كانت الشمس مشرقة ورسالة مالكة البيت تكسرت في اصفرار مناسب.
من الماضي، طفولتي هي التي تبهرني أكثر؛ هي وحدها لا تثير فيّ إذْ أنظر فيها، الحسرةَ على الزمن الذي ولّى وانقضى، لأنّي لا أكتشف فيها ما لا يعود، بل ما لا يُردّ ولا يُختزل: كلّ ما لا يزال فيّ، بلا إنتظام؛ في الطفل، أقرأ بالجسد العاري، القفا الأسود الذي لي، ... الملل، الطابع العطوب، الإستعداد لأشكال القنوط (التي هي لحسن الحظ، في صيغة الجمْع)، الإضطراب الباطن، منقطعاً لبؤسه، عن كلّ عبارة.
" أنّ (مي) كانت هي أكثر فردٍ في العائلة يقضي وقتًا مع العمّ إيريك فإنّه كان هناك الكثير ممّا لا تعرفه عنه؛ على سبيل المثال هي لا تعرف أنّ إيريك قد عاد إلى الكتابة مجدّدًا، أو أنّه يؤمن بالأشباح، أو أنّه احتجز أطفاله وراء الجدران. إنّها حتّى لم تعرف أنّه كان مفقودًا إلى أن تلقّت مكالمةً هاتفيةً."
في هذه السيرة المُلهمة ، لم يكن الروائي الكبير "بهاء طاهر" يتوانى عن سرد حكاياته الخاصة بين أبيه و أمّه ، بين "ستيفكا" زوجته و بينه ، أسراره التي عاشها في الماضي ، أسرار الغربة ، التي أطلق عليها منفى ، الكتاب مليء بالحكايات الغنية المُضحكة المُبكية في آن ، في هذا الكتاب ، سيرة إنسانية كُبرى ، جوانب لا يعرفها أحد عن "بهاء طاهر" ، لقطات لم تُكتب في رواياته ، ولم تسجّلها سوى ذاكرته ، في هذا الكتاب سنرتحل مع "بهاء طاهر" الإنسان أكثر منه ككاتب ، ولعلّنا في نهاية الرّحلة سنكتشف و نستخلص الجوهر الأصيل الحقيقي الذي انطلقت منه كتابات "بهاء طاهر" ، و طافت العالم.
كوزموس بقلم فيتولد غومبروفيتش ... هي رواية عام 1965 للمؤلف البولندي فيتولد غومبروفيتش. تدور الرواية حول شابين يسعيان إلى الوحدة في البلد ؛ ينزعج سلامهم عندما تشير مجموعة من الأحداث العشوائية لعقولهم الحساسة إلى نمط ذي معان شريرة. تظهر الدعابة ، كما يحدث عادة في أعمال غومبروفيتش ، في أقصى الحدود من جنون الاضطهاد والاضطراب الذي أبداه بطل الرواية.
يجمع بيلي كولينز بين القدرة على كتابة الشعر الرفيع الذي يستمد قوته من تقاليد شعرية رفيعة في أمريكا وخارجها، وفي الوقت نفسه يلامس في شعره حساسيات وموضوعات تهم القارئ العادي، أي قارئ، مما يجعله واحداً من أكثر الشعراء شعبية، وأكثرهم احتراماً نقدياً على السواء، في الشعر الأمريكي الحديث. يكتب ... كولينز بلغة بسيطة، لا تتوخى البلاغة اللغوية، بقدر ما تحرص على الإيحاء الشعري، بأكثر الأدوات التعبيرية تقشفاً، لكن دلالة في آن. غالباً ما تنطلق قصائد كولينز من أناه الشخصية، من عوالمه الخاصة، بيته، نمط عيشه، أفكاره وذكرياته وخيالاته، لكنها دائماً تنطلق إلى خارج أو إلى ما هو أبعد من هذه الأنا، وهنا بالتحديد قدرتها على مخاطبة الآخر، ومد جسور مشتركة مع العوالم التي يتمحور حولها شعره. نجد في قصائد كولينز شيئاً من بساطة الهايكو الياباني واختازاله ووضوحه وإيحاءاته، بل موضوعيته وتصويريته، لكن هناك أيضاً الضربات الصغيرة الخفية، التي تخرج القصيدة من الوصفي أو اليومي أو المباشر، إلى الأسئلة الكبرى، الفلسفية والوجودية، أي إلى رحاب الاستعارة الواسعة، وإن كان كولينز نفسه في عدد من القصائد يسخر من هذه الأسئلة نفسها، كما يسخر من كثير من الأشياء، بما فيها الشعر، وهذه النبرة الساخرة هي أيضاً من بين أسباب شعبية كولينز الواسعة. كنت أحسبها مجرد نقطة يخطها بقلم الرصاص تلاميذ الرسم في وسط اللوحة قبل شروعهم في رسم الحظيرة والأبقار وأكوام القش، أو مجرد نقطة تقاطع السكك الحديدية، ذلك الموضع الذي يحدق فيه المهندسون الميكانيكيون من القاطرات بينما يمضون هادرين في القفار الحارة خارجين من الأبعاد.
تعتبر كوزموس - بلا شك - أكثر أعمال غومبروفيتش غموضاً وإبهاكاً، لكونها عملاً أتى قبل ختام حياة الكاتب، وهي عبارة عن تلخيص لمواضيع إنتاجاته السابقة. نجد فيها الثيمة الكلاسيكية عند غومبروفيتش، وهي التمرّد ضدّ العائلة ، الذي سرعان ما تحوّل إلى إستعارةٍ متّسعة للغاية، فيتولد بطل الرواية يهرب من بيت العائلة ... إلى مصيف زاكوبانة ، ويترك وراءه قواعد السلوك التقليدية، فضلاً عن مجموعة كاملة من الأحكام والقَناعات المتداولة حول الحياة، نتيجة لذلك، طوال أحداث الرواية، نشاهد محاولات فيتولد الكسولة في البداية، التي تصبح أكثر يأساً بعد ذلك، لإعادة بناء - بنفسه - عالم ذي معنى، مجال منتظم من خلال الإنطباعات والحقائق الكثيرة التي تحيط به.
- أبى، إلى أين تمضي؟ - أخرس، انتظرني هنا ولا تتحرك - لكن إلى أين تمضى يا أبي؟ - إلى الجحيم! انتظرني فحسب، ولا تتحرك. - لكن إلى أين أنت ذاهب، يا أبى؟ - ذاهب لأقول كلمة حق لذلك الرجل هناك. - كان هناك حشد متحلق حول رجل ذي نظرة قاسية اعتدت رؤيته يصيح فى التلفاز، وصوره ملصقة على كل جدران شوارعنا.
دنيس ليفرتوف (1923-1997): كتبت الشاعرة، المترجمة، الناشطة السياسية، دنيس ليفرتوف عام 1960 معرفة بنفسها على النحو الآتي: "كان أبي بول رجلاً أكايديمياً... أما أمي بياتريس فأنا مدينة لها، بين أشياء كثيرة، بحبي للطبيعة وقدرتي على القراءة بصوت عال. بما أنني لم
في الشعر الأمريكي لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية تعتبر تجربة أرتشي راندولف آمونز واحدة من بين أكثر التجارب غزارة وتماسكاً وخصوصية ودلالة. تجربة في ظاهرها، محض لغوية تقوم أحياناً على محمول المفردة الواحدة وإيقاعتها الخاصة، وعلاقتها بغيرها من المفردات
يقدم هذا الكتاب مختارات من الشعر الأفرو-أمريكي من حقبٍ تاريخية متنوعة محاولا تحديد معالم هذه التجربة منذ بدايتها كترجبةٍ أدبية مكتوبة، وحتى اليوم. وقد شكلت مرحلة الستينات والسبعينات من القرن المنصرم؛ حقبة النضج واكتمال الرؤية بالثورة على الأبيض والكتابة ب
أفقت على الجفاف وكانت السراخس ميتة، والنباتات اصفرت أوراقها كالذرة في القدور، ولم أجد امرأتي بل حفنة زجاجات فارغة حاصرتني، كجثث مدماة، بلا جدواها، ومع ذلك كانت الشمس مشرقة ورسالة مالكة البيت تكسرت في اصفرار مناسب.
تشكل هذه الطبعة العربية التي تحمل عنوان الترانيم وفق ما كان يرغب فيه بيسو ، الجزء الأول من القصائد نصفها التي تركها باسمه الخاص والتي تشترك في كونها نابعة من رؤية عاطفية على طريقة الرومانسيين التي نخضيها حالة من وعي الذات ، بمعنى آخر هي قصائد تعبر عن عاطف
«المحطة الذرية» رواية هالدور لاكسنيس الحائز في 1955 على جائزة نوبل للآداب، نقلها إلى العربية خالد الجبيلي وصدرت عن منشورات الجمل في 240 صفحة – سنة 2023. الفتاة أوغلا، القادمة من شمال أيسلندا الفقير إلى جنوبها الغنيّ، تعرفت على كل ما كان يعيشه بلدها في زمن ما بعد الحرب الثانية. ابتداء من ذلك النزاع الناشب بين الشيوعية والرأسمالية، مرورا بالدين والمادية، وبين العودة إلى الطبيعة الأم وترك التصنيع والاختراع يجدّدان العالم، بين العالم الحقيقي والفن، وكذلك بين ما أتى به الحاضر والبحث في الماضي عما يمكن أن يكون مثالا وعقيدة للأمة الأيسلندية، وربما أفلح الباحثون المنقبون في العثور على ضالتهم المتمثلة بما عرّفته الرواية بـ»عظام حبيب الشعب»: ومن المسائل، أيضا، التي تدور فيها السجالات بين المتنازعين، العرض الأمريكي بتحويل المضيق القريب من العاصمة ريكيافك إلى قاعدة نووية، وهذا ما استجرّ سجالا آخر عنوانه « بيع البلد».
ميداني الكلمات.كلمات أشبه بالطوابع البريدية، بقطع العملة المعدنية، أو أحسن من ذلك، بأسراب النحل.وعلي الاعتراف: لا تكسرني إلا ينابيع الأشياء، كأنما يمكن عد الكلمات كنحال ميتة في العلية بعد أن فارقتها عيونها الصفراء وأجنحتها الجافة.
لا يني يبدل القلب شكله: يتحول من طائر إلى فأس، ومن عجلة هواء إلى غصن مثمر. يتقلب داخل الصدر كدب بني خدره الشتاء، أو كطفل يقفز في مهرجان، متوقفاً تحت ظلة كشك الألعاب النارية، أو عند خيمة السيدة السمينة، أو عند كشك "الهوت دوغ".
. غير أن الفتى، على ما يشعر به من ضعف يعتري الجسد، ما زال يحب، ويعشق، ويرغب، ويأمل، ويعمل، ويتطلع إلى المستقبل، وكأنه ما زال في ريعان الشباب، وربيع العمر، فيما هو موغل في خريفه!... وإذا يتساءل الفتى من أين يستمد هذا الشعور بالفتوة لا يتردد في الإجابة: انها النفس، هذه النفس التي عبرت كل تلك الفصول المتعاقبة ما زالت تبدو وكأنها تمر بكل فصل من فصول العمر للمرة الأولي. وكأن هذه الفصول تغط وتطير كالعصافير، لكنها لا تتجمع، ولا تتراكم، وكأن أعمار الفصول كأعمار الورود قصيرة غير أنها تتجدد، وتورق، وتزهر، وتبرعم، وننهتح، وتعطر الأجواء بأريجها الفواح وكأنها تفعل ذلك للمرة الأولى.
هذه ليلة عاصفة مقمرة. القمر حجب درب التبانة. الغمام بالكاد يتنفس، والعشب يثب على الأرض. هذه ساعة العودة.
ليس ينبغي لطالبي العلم والحكمة أن يتهاونوا بكلام الكسدانيين ولا بخرافاتهم ، فإنهم يأتون بالحكمة الباغة في صورة الخرافة التي معظمها كذب ومحال ، حيلة بذلك منهم على الأغبياء ، لينفرونهم عن العلم إن كانوا جهلا ، فأما إن كانوا عقلأ فإنهم لا ينفرون نفير الحمير
مجاناً للطلبات التي تزيد على 50,000 د.ع
نقداً عند الباب
ضمان استرجاع المنتجات الغير مطابقة لوصف المتجر
دعم فني على مدار الساعة