الغنوصية ظاهرة هرطقية، استطاعت في الفترة المتأخرة من العصور القديمة، أن تنفذ إلى التراث الديني الوثني واليهودي والمسيحي والإيراني، كما أنها ظهرت بثوب إسلامي عند نهاية القرن الأول الهجري، وبشكل أقوى في القرن الثاني الهجري، في العاصمة القديمة للفرس: المدائن، وغلب على مختلف فرقها طابع الغلو والزندقة، في هذا الكتاب يتتبع المستشرق الألماني هاينس هالم، الفكر الغنوصي في الإسلام، والذي انطلق من العراق وتمحور في العديد من فرق الشيعة، وهو يثبت فيه أن الغلو رغم تعدد فرقه ومجموعاته يُمثل منذ بداياته في القرن الأول الهجري وحتى بقاياه التي استمرت الى يومنا هذا، تياراً واحداً لتقليد متواصل: ديانة خلاص ذات نموذج أسطوري بقي على ما هو عليه، وذات مصطلحات موحدة لا تتغير. جعل المؤلف كتابه في مقدمة وعشرة فصول. في المقدمة تحدث المؤلف عن تاريخية نشوء الغنوص في الإسلام، محددا مفهومه، مفصِّلا في البيئة التي نشأ فيها، مع رصده للعلاقة بين الغنوص والشيعة المغالين. وبعد عرضه لمصادر دراسته، تحدث الكاتب في الفصل الأول عن شخصية عبدالله بن سبأ في التراث السني والشيعي، موضحا دوره في نشأة الغلو في الإسلام. بعد ذلك، عرض المؤلف في الفصل الثاني لفرقة الكيسائية أو الشيعية الأربعية، متحدثا عن مبادئهم وأهم الأحداث السياسية في عهدهم، منتقلا في الفصل الثالث لرصد الهراطقة حول الإمام محمد الباقر، وعلى رأسهم جابر بن يزيد الجعفي، الذي كانت (رؤياه) الواردة في الكتاب المقدس والمتوارث عند الإسماعيليين: (أم الكتاب)، محور البحث في الفصل الرابع، تلك الرؤيا التي هي عبارة عن أسرار غننوصية تُنسب إلى الإمام الباقر وفي الفصل الخامس تحدث المؤلف عن الخطَّابيين، وفي السادس عن المخمّسة والمفوّضة، وفي السابع عن محمد بن بشير مؤسس الفرقة المغالية: (البشرية)، وكانت الفصول الثلاثة الأخيرة من الكتاب، للحديث عن هراطقة القرن الثاني الهجري، وعلى رأسهم محمد بن نصير النميري، مؤسس الفرقة النصيرية أو العلوية، حيث تم عرض مبادئهم ومعتقداتهم، وتحليل كتابهم المقدس: (كتاب الهفت والأظلة)، وهو من تأليف محمد بن الحسن بن سنان الكوفي، خازن علم الغنوص في ذلك القرن.