لم يكن حسين يريد أن يضع نقطة النهاية. ... أخذت ذكرياته تمرّ داخل ذهنه بسرعة، فيحدّق فيها بملء النظر ثم يعمل على زجرها كي تعجّل الرحيل. مرّت كل الذكريات بسرعة، كانت تلك الذكريات أسرع من رصاصة تنطلق من بندقية قناص ماهر. ترك حسين الذكريات تمرّ، تركها تجتاز كل أروقة رأسه الداخلية، غاب عن وعيه للحظة وسمع صوتاً يقول له، محظوظ هو من يختار الوقت المناسب لإطلاق سراح روحه... فعاد إلى تلك القبلة. لم يكن يدري ما إذا كان قد مات لمّا شعر أنه نجح في إستعادة جناحيه من ذلك الغراب الضخم. حلّق عالياً عبر جناحيه الجديدين، حلّق عالياً وقد باغته شعور هائل بخفة لم يعتدها يوماً. أسقط كل الذكريات الثقيلة وأودع روحه ذكرى واحدة لطالما أرادها أن تكون أبدية، ومات.