تأتي رواية "رقص في الظلام" لتمنحنا تأملاً عميقًا في أغوار النفس البشرية. فهي ليست مجرد سرد لحكايات متقاطعة، بل لقاء إنساني صادق مع وجوه متعدّدة للحياة، تتجلى من خلال شخصيات تحمل في داخلها مزيجًا من الأمل واليأس، التمزق والانبعاث.
ينسج الروائي محمد قاسم زاده هذه العوالم المعقدة بأسلوب رفيع، حيث تتداخل الواقعية بالرمزية في بناء درامي محكم، يعكس حذرًا دقيقًا في تناول قضايا شائكة مثل الحرب، والعلاقات المتأرجحة بين البشر في خضمّ الظروف الاستثنائية. تتشابك مصائر الأبطال ضمن نسيج سردي يتنقل بخفة بين الصراع الداخلي والحدث الخارجي، مانحًا القارئ مساحة للتفكر، والتماس الجمال في التفاصيل الصغيرة وسط العتمة.
"رقص في الظلام" ليست مجرد رواية تُقرأ، بل تجربة تُعاش. إنها رحلة داخلية محفوفة بالتساؤلات الكبرى عن معنى الحياة، وسبل النجاة، وقيمة التماس الإنساني في زمن تتساقط فيه المعايير. بأسلوبه اللغوي الرشيق، والمتقن، يصوغ قاسم زاده عملاً أدبيًا يبقى حاضرًا في الذهن، ويصعب نسيانه.